نرحب بكم مجددا متابعي الشبكة الاولي عربيا في طرح المقال التقني حكاوي رمضان : معالجات Athlon 64 ، شراء ATI وسقوط AMD . فما الذي حدث! وكافة الاسئلة المطروحة من جميع انحاء الوطن العربي اخر حاجة تعود اليكم من جديد لتحل جميع الالغاز والاستفهامات حول استفسارات كثيرة في هذه الاثناء، ونود إعلامكم أننا متواصلين دوما في الوصول الي اخر إجابات الاسئلة لديكم بشكل يومي.

حكاوي رمضان : معالجات Athlon 64 ، شراء ATI وسقوط AMD . فما الذي حدث!

منذ قديم الزمن، اخر حاجة البشر قاعدة واحدة ثابتة وهي أن لا شئ يبقى على حاله، وقد قال الإمام على بن أبي طالب أحد المقولات الشهيرة الخاصة به ” الدهر يومان ، يوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر “. فلا شئ يستمر على حالة ولا شئ يبقى كما هو. ولعل عالم التقنية بتقلباته وتداعياته يُعد أحد الساحات التي يُمكننا اخر حاجة الكثير منها في هذا الشأن. فمنذ حوالي ما يقرب العقدين من الزمان كانت شركة AMD تتمتع بزهوة النصر المنتظر، وفرحة التقدّم على غريمها التقليدي الذي لم تدم سطوته للأبد هو الآخر. ولكن ولسوء الحظ فهذه السطوة وهذه القوة لم تدم كثيراً، فبالرغم من أن بداية الألفية الجديدة كانت بمثابة شعلة أمل لشركة AMD للظفر أخيراً بعرش الأداء، إلا أن العقبات التي واجهتها كانت أكبر من قُدرتها على التحمل، فما الذي حدث ؟!.

زهوة النصر

حسناً، كما إعتدنا عزيزي القارئ ولسلامتك الشخصية قم بربط حزام الأمان مرة أُخرى فنحن على وشك الرجوع بالزمن للفترة ما بين عام 2004 وعام 2006 . تلك الفترة كما أشرنا في مقالنا السابق كانت بمثابة الجيل أو العصر الذهبي لشركة AMD، وتلك الفترة بدأت تحديداً مع معالجات K8 والتي كانت معروفة تُجارياً باسم Athlon 64 . وبالرغم من النجاح الذي حققته هذه المعالجات للشركة، والذي جعل صيتها يصل للقاصي والداني في أرجاء المعمورة، إلا أن ذلك سُرعان ما تلاشى بعد ذلك بسبب مجموعة مختلفة من المشاكل التي ظهرت أمام الشركة في تلك الفترة العصيبة.

وفي الواقع ، لا يوجد حدث واحد مُعيّن يمكننا الإشارة إليه والقول أنه هو المسؤول عن سقوط AMD من موقعها الرفيع. فقد كانت هُناك أزمة الاقتصاد العالمي ، وسوء الإدارة الداخلية ، والتنبؤات المالية السيئة التي كانت ضحية نجاحها ، بل وقد ساهمت ثروات والأفعال السيئة لشركة Intel في هذا السقوط أيضاً !!. فكل هذه العوامل لعبت دورًا بطريقة أو بأخرى في تراجع AMD من على عرش الأداء . ولكن ولكي نوضح الأمور بمزيد من التفاصيل، دعونا نبدأ في رؤية كيف كانت الأمور في أوائل عام 2006.

إشتداد المنافسة ونهاية Pentium

كان سوق وحدات المعالجة المركزية في تلك الفترة مليئًا بالعروض من كل من AMD و Intel ، ولكن الأول كان لديه معالجات مميزة للغاية أمثال سلسلة Athlon 64 FX الاستثنائية المستندة إلى  K8. فقد كانت الشركة توفر مجموعة متنوعة من المعالجات المبنية على تلك المعمارية مثل معالجات FX-60 ثنائية النواة بسرعة 2.6 جيجاهرتز ، بينما كانت معالجات FX-57 ذات نواة واحدة ، ولكنها كانت تعمل بسرعة 2.8 جيجاهرتز.  وفي الحقيقة فقد كان كلا المعالجين فوق أي شيء آخر في تلك الفترة ، كما هو موضح في المراجعات في ذلك الوقت، والتي يمكنك ببساطة الرجوع إليها لترى الفارق الواضح بينهما وبين ما سواهما.

وقد كانت هذه المعالجات ولأول مرة باهظة الثمن للغاية على عكس ما اعتادت AMD توفيرة من ناحية السعر مُقابل الأداء، حيث كان سعر FX-60 يزيد عن 1000 دولار (السعر الخاص بالمستخدمين وليس للتجار)، وكذلك كان الحال كذلك مع ذروة سنام Intel في هذه الفترة وهو معالج  Pentium Extreme Edition 955 الذي كان متوفر بتردد 3.46GHz في ذلك الوقت. ولكن وكما يبدو فقد كانت لدى AMD اليد العليا ، وقد كان هذا هو أيضاً حالها في سوق محطات العمل / الخوادم أيضًا ، مع رقائق Opteron التي تفوقت على معالجات  Intel Xeon.

كانت مشكلة Intel في تلك الفترة هي بنية Netburst الخاصة بهم – حيث تتطلب بنية خطوط الأنابيب فائقة العمق سرعات عالية للغاية للأنوية الخاصة بها لتكون قادرة على المنافسة ، مما يؤدي بدوره إلى زيادة استهلاك الطاقة وزيادة الحرارة التي تولدها هذه المعالجات (هل يُذكّرك هذا بشئ ؟!). وقد وصل ذلك التصميم في تلك الفترة إلى حدوده ولم يعد جاهزًا للنهوض أكثر من ذلك ، لذلك تخلت Intel عن تطويرها وتحولت إلى بنية وحدة المعالجة المركزية القديمة Pentium Pro / Pentium M لبناء خليفة لـ  Pentium 4.

محاولات Intel للحاق بالركب

أنتجت تلك المبادرة لأول مرة تصميم معالجات Yonah والذي كان مُخصص لمنصات الحواسيب المحمولة، ثم تم بعد ذلك تصميم هندسة Conroe ثنائية النواة لأجهزة الكمبيوتر المكتبية والتي ظهرت تحت رايتها معالجات Core2Duo الشهيرة، في أغسطس من عام 2006. وقد كانت هذه هي طريقة Intel لحفظ ماء الوجه لدرجة أنها نقلت اسم Pentium والذي كان هو الاسم السابق للمعمارية نفسها ليصبح بعد ذلك هو الاسم الخاص فقط بالنماذج الإقتصادية في هذه السلسلة الجديدة من المعالجات، واستبدله باسم Core ، لنرى بأُم أعيُننا13  عامًا من هيمنة العلامة التجارية Pentuim تتلاشتى في لحظة !!.

ومع مرور الوقت مع التصميمات الجديدة لانتل، انتهى الأمر بالانتقال إلى تصميم رقاقة منخفضة الطاقة وعالية الإنتاجية ، لتكون مناسبة بشكل مثالي للعديد من الأسواق المتطورة ، وبين عشية وضحاها تقريبًا ، استحوذت Intel على تاج الأداء في القطاعات الرئيسية والمتحمسة. لذا وبحلول نهاية عام 2006 -وعلى غير المتوقع- تم دفع AMD بقوة من قمة الأداء الخاص بوحدات المعالجة المركزية. وبالرغم من أن الصراع على القمة أمر تقليدي، فكما هو الحال مع أي جيل جديد من المعالجات، فكلا الشركتين كان يتفوق لفترة ويتم التبديل بعد ذلك وهكذا دواليك….إلا أن سقوط AMD الحقيقي كان ناتجاً عن أمر أخر، فقد  كان قرارًا إداريًا كارثيًا هو الذي دفعهم إلى أسفل المنحدر، وبقوة !!….

خطوة موفقة وتنفيذ غير موفّق !!

سنعود الأن بالزمن قليلاً مرة أُخرى، فقبل ثلاثة أيام بالضبط من إطلاق معالجات Intel Core 2 Duo ، أعلنت AMD عن خطوة تمت الموافقة عليها بالكامل من قبل الرئيس التنفيذي السابق هيكتور رويز (حيث تقاعد ساندرز قبل 4 سنوات). وفي 24 يوليو من العام 2006 ، أعلنت AMD أنها تعتزم الاستحواذ على الشركة المصنعة للبطاقات الرسومية ATI Technologies ، في صفقة تبلغ قيمتها 5.4 مليار دولار (هذا المبلغ يشمل 4.3 مليار دولار نقدًا وقروضًا ، و 1.1 مليار دولار تم جمعها من 58 مليون سهم). وقد كانت هذه الصفقة مقامرة مالية ضخمة للغاية، حيث مثلت 50٪ من القيمة السوقية لشركة AMD في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من أن الشراء كان منطقيًا ، إلا أن السعر لم يكن كذلك على الإطلاق.  حيث كانت ATI مبالغة في تقديرها بشكل كبير ، حيث لم تكن (كما هو الحال مع  Nvidia في ذلك الوقت) تحقق أي شيء قريب من هذا النوع من الإيرادات. بل لم يكن لدى ATI مواقع تصنيع أيضًا – وهو ما يعني أن قيمتها كانت تعتمد بالكامل تقريبًا على الملكية الفكرية الخاصة بها . ولسو الحظ، فقط أقرت AMD في النهاية بهذا الخطأ ولكن بعد فوات الأوان، وذلك عندما تلقت الشركة 2.65 مليار دولار من عمليات شطب بسبب المبالغة في تقدير تقييم سمعة  ATI.

ومما زاد الطين بلة، وهو الأمر الذي يدل على الافتقار إلى البصيرة الإدارية الخاصة بالشركة في تلك الفترة، وفي أبريل من عام 2007 تم بيع قسم Imageon – وهو قسم الرسومات المحمولة في ATI – لشركة Qualcomm في صفقة تافهة بقيمة 65 مليون دولار !!. وفي حال كُنت لا اخر حاجة ما هو مصير ذلك القسم في وقتنا الحالي عزيزي القارئ، فدعني إذا أصدمك وأُصرّح لك بالآتي…

يُطلق على هذا القسم الآن اسم Adreno ، وهو عبارة عن الجناس الناقص لـ “Radeon” ومكونًا لا يتجزأ من شرائح  Snapdragon SoC ( !)التي نراها تقريباً في السواد الأعظم من الهواتف المحمولة !! . ولأن ذلك لم يكن كافياً للإدارة في ذلك الوقت،ـ وبعد عام تقريباً من بيع Imageon وتحديداً أغسطس من عام 2008، فقد تم بيع قسم Xilleon ، وهي شركة تصنيع الشرائح 32 بت للتلفزيونات الرقمية وصناديق كابل التلفزيون ، إلى Broadcom مقابل 192.8 مليون دولار.

مزيد من عدم التوفيق !!

في بعض الأحيان وللناظر من على بر الأمان، قد تبدو بعض تصرفات البشر بعيداً عن المنطق بمكان. فبالإضافة إلى حرق الأموال يميناً ويساراً ، كانت استجابة شركة AMD النهائية لهندسة Intel المحدثة مخيبة للآمال بشكل واضح. فبعد أسبوعين من إصدار المنافس لمعالجات  Core 2 ، أعلن رئيس شركةAMD  ومدير العمليات السيدDirk Meyer  ، عن الانتهاء من معالج AMD الجديد  K10 Barcelona . ستكون وقد كانت هذه هي الخطوة الحاسمة في سوق الخوادم ، حيث كان معالج Barcelona هو أول وحدة معالجة مركزية رباعية الأنوية كاملة في هذه السوق -بينما في ذلك الوقت- كانت شركةIntel  لا تزال تعاني مع رقائق Xeon ثنائية النواة فقط.

وعلى هذا الأساس، ظهرت شريحة أوبتيرون الجديدة في سبتمبر من عام 2007 ، وسط ضجة كبيرة للغاية، فالكل على أهُبّة الإستعداد لإستقبال هذا الوحش الجديد، هناك حفلة في المدينة ومكانها AMD . هذا بالضبط ما كان في مُخيلة الجميع، ولكن هيهات يا عزيزتي AMD، فأنا أُريد وأنت تُريد والله يفعل ما يُريد . فلسوء الحظ، وبدلاً من سرقة الأضواء من تحت أقدام إنتل ، توقفت الضجة فجأة وعم السكون أرجاء العالم التقني، فقد أعلنت الشركة رسميًا عن اكتشاف خطأ قد يؤدي – في ظروف نادرة – إلى عمليات الإغلاق عند تضمين عمليات الكتابة في ذاكرة التخزين المؤقت المتداخلة .

مزيد من التأخُّر

وللأسف، وبالرغم من أن هذه المشكلة كما أشرنا هي مشكلة نادرة كما كان الحال ، إلا أن خطأ TLB وضح حدًا لإنتاج معالجات AMD’s K10 ؛ وكمحاولة لإنقاذ سمعتها مع المعالجات التي تم بيعها بالفعل، فقد قامت الشركة بإطلاق تصحيح BIOS الذي عالج المشكلة في المعالجات الصادرة ولكنه في المُقابل سيؤدي إلى فقدان الأداء بنسبة 10٪ تقريبًا . وبحلول الوقت الذي تم فيه شحن وحدات المعالجة المركزية “B3 stepping”  وهي النسخة المُنقّحة من معاجات K10 بعد حوالي 6 أشهر من ذلك الوقت، كان الضرر قد حدث بالفعل، سواء بالنسبة للمبيعات أو السمعة الخاصة بالشركة التي بالكاد بدأت في أخذ وضعها.

وبعد مرور عام من هذه الفاجعة، وتحديداً بالقرب من نهاية عام 2007 ، قدمت AMD تصميم K10 رباعي النواة إلى سوق أجهزة الكمبيوتر المكتبية. بحلول ذلك الوقت ، كانت Intel تمضي قدمًا وأصدرت بالفعل معالجاتها الرباعية هي الأُخرى مثل معالج Core 2 Quad Q6600 الشهير الآن….على الورق ، كان K10 هو التصميم المتفوق – حيث كانت جميع الأنوية الأربعة في نفس القالب ، على عكس Q6600 الذي استخدم قالبين منفصلين على نفس الحزمة . ومع ذلك ، كانت AMD تكافح للوصول إلى ترددات الأنوية المتوقعة ، لدرجة أن أفضل إصدار من وحدة المعالجة المركزية الجديدة كانت تتمتع بترددات 2.3 جيجا هرتز فقط . وهذا التردد في حد ذاته كان أبطأ من نظيره من انتل بحوالي 100 ميجاهرتز ، لكن المشكلة الأكبر أنه كان أيضًا أغلى قليلاً في السعر.

Enter Phenom

لعل الجانب الأكثر إثارة للحيرة في ذلك كله كان قرار AMD بالخروج باسم نموذج جديد لمعالجاتها وهو Phenom . لا أدري حقاً ما الذي جعل الشركة تقوم بالتحول لهذا الإسم، ففي المقابل مثلاً، تحولت شركة Intel  إلى تسمية  Core لأن معالجات Pentium أصبحت في أذهان المستخدمين مُرادفًا للسعر المفرط واستهلاك الطاقة المرتفع ، في حين انها كانت تتمتع بأداء ضعيف نسبيًا. ولكن من ناحية أخرى ، كانت التسمية Athlon اسمًا يعرفه هواة الحوسبة جيدًا ، في الحقيقة يمكنك أن تسأل أي مستخدم قديم للحواسيب عن معالجات Athlon وستجد أنه سيقوم بالنظر للأعلى قليلاً ليسترجع ذكريات المجد في تلك الفترة الذهبية من تاريخ الحواسيب بشكل عام وتاريخ AMD نفسها. فمعالجات Athlon كانت تتمتع بالأداء المميز كما هي سُمعتها بالضبط.

لم يكن الإصدار الأول من Phenom سيئًا في الواقع – ولكنه أيضاً لم يكن جيدًا بما فيه الكفاية للتغلب على أمثال  Core 2 Quad Q6600 ، وهو منتج كان متاحًا بالفعل ، بالإضافة إلى أن Intel كان لديها عروض أسرع في السوق أيضًا.  ولكن الغريب في ذلك الوقت هو أن AMD بذلت جهدًا واعيًا للامتناع عن الإعلان عن معالجاتها الجديدة . كما لم يكن لديهم أي اهتمام بالجانب البرمجي في الصناعة أو دعم المطورين ؛ وهي في الحقيقة طريقة غريبة للغاية لإدارة الأعمال التجارية ، ناهيك عن القتال في تجارة أشباه الموصلات التي تعتمد على الجانب البرمجي أصلاً.

ولكن لعل أكثر الأمور التي قد يتذكرها مُحبّي AMD بل وعُشّاق انتل ولكنهم قد يُنكروها بشكل أو بآخر في تلك الفترة. بل ويمكننا القول أنه لا يمكنك أن تذكر المنافسة القائمة بين الشركتين في تلك الفترة بدون أن تذكر هذه النُقطة كانت مساعي Intel المناهضة للمنافسة ولمعايير الشرف… ففي هذا المنعطف ، لم تكن AMD تحارب رقائق Intel فحسب ، بل كانت تحارب أيضًا أنشطة الشركة الاحتكارية ، والتي تضمنت دفع مبالغ طائلة من المال لمُصنّعي المعدات الأصلية -والتي وصلت لمليارات الدولارات- لإبقاء وحدات المعالجة المركزية الخاصة بـ AMD خارج أجهزة الكمبيوتر الجديدة.

حلول ملتوية

فعلى سبيل المثال، في الربع الأول من عام 2007 ، دفعت إنتل لشركة  Dell حوالي 723 مليون دولار لتظل المزود الوحيد لمعالجاتها وشرائحها – وهو ما يمثل 76٪ من إجمالي الدخل التشغيلي للشركة البالغ 949 مليون دولار. فازتAMD  لاحقًا بتسوية بقيمة 1.25 مليار دولار في قضية رفعتها ضد انتل بهذا الصدد ، والتي تبدو منخفضة بشكل مدهش مقابل الخسائر الحقيقية التي لحقت بها، والتي ربما تفاقمت بسبب حقيقة أنه في وقت خدع Intel ، لم تتمكن AMD نفسها فعليًا من توفير وحدات معالجة مركزية كافية لعملائها الحاليين.

وفي الحقيقة ففي تلك الفترة لم تكن شركة إنتل بحاجة إلى القيام بأي من هذا أصلاً. فعلى عكس AMD ، كان لدى Intel مساحة سوقية وخطة مُحددة ، بالإضافة إلى تنوع أكبر في المنتجات والملكية الفكرية. كما أن لديهم أيضًا احتياطيات نقدية لا مثيل لها في سوق أشباه الموصلات . وبحلول نهاية العقد الأول في الألفية الجديدة ، كانت إنتل تجني أكثر من 40 مليار دولار من العائدات و 15 مليار دولار من الدخل التشغيلي. وقد ساعد هذا على توافر ميزانيات ضخمة للتسويق والبحث وتطوير البرمجيات ، وكذلك المسابك المصممة بشكل فريد لمنتجاتها وجدولها الزمني.

وبالنظر إلى هذا الإكتفاء الذاتي الحاصل لدى Intel ، فقد مثّلت هذه العوامل وحدها ضماناُ أن انتل ستظل في القمة لفترة لا بأس بها من الزمن. ففي الوقت التي كانت تنعم Intel فيه بالرخاء وزهوة النصر، كانت  AMD  تكافح للحصول على حصتها في السوق.  فقد كانت المدفوعات الزائدة بمليارات الدولارات مقابل ATI وفوائد القروض التي أخذتها الشركة لإتمام هذه العملية ، وجيل المعالجات المُخيّب للآمال الذي خلف معالجات  K8 ، والرقائق محل الإشكال التي وصلت متأخرة إلى السوق ، كلها حبوب مريرة يجب ابتلاعها لكي تستمر عجلة العمل وسط كل هذا الإحباط… ولكن، ما لم يكن يحسب له مُهندسوا AMD وعُشّاقها أي حسب كان لازال يلوح في الأفق، فقد كانت الأمور  على وشك أن تزداد سوءًا !!…

مُعضلة الـ Buldozer

كانت الأيام والليالي القاحلة تسير تبعاً على كل من في AMD ببطئ شديد للغاية، محاولين جاهدين مجابهة هذه المشاكل كُلٌ على حدة. ولكن بحلول عام 2010 ، كان الاقتصاد العالمي يكافح من أجل التعافي من الأزمة المالية لعام 2008. وكانت AMD قد أخرجت قسم ذاكرة الفلاش الخاصة بها قبل بضع سنوات بالفعل ، جنبًا إلى جنب مع جميع مسابك تصنيع الرقائق الخاصة بها – والتي تجمعت لتنهض في النهاية شركة GlobalFoundries ، والتي لا تزال AMD تستخدمها لبعض من منتجاتها حتى الآن. تم إسقاط ما يقرب من 10 ٪ من قوة AMD العاملة ، ومع جميع هذه المدخرات وضخ النقود أصبح طريقAMD  واضحاً الآن، فمع بيعها العديد من الأقسام التي أصبحت شركات في وقتنا الحالي (ولكنها كانت مُضطرّة لذلك) أصبح لدى الشركة فرصة بأن تتفوق وتركز بالكامل على تصميم المعالجات المركزية.

وبدلاً من تحسين تصميم  K10 الذي كان موجوداً بالفعل، بدأت AMD مرة أُخرى ومن جديد (ولسوء حظها) بتصميم معمارية جديدة كُليّاً . ومع ذبول شمس عام 2011 ، تم إطلاق هندسة البلدوزر، والتي كانت كارثة بحق !!. ففي حين كان كل من K8 و K10 معالجات متعددة النواة ومتزامنة (SMT) ، تم تصنيف التصميم الجديد على أنه “متعدد مؤشرات الترابط العنقودي أو clustered multithreading . حيث اتبعت AMD نهجًا معياريًا مشتركًا مع البلدوزر – بحيث احتوت كل مجموعة (أو وحدة نمطية cluster) على نواتين لمعالجة الأعداد الصحيحة ، لكنها لم تكن أنوية مُستقلة تمامًا. فقد قاموا بمشاركة تعليمات الذاكرة المُخبأة من المستوى الأول L1 وذاكرة التخزين المؤقت لبيانات  L2 ، ووحدات تجميع/ فك التشفير ، ووحدة النقطة العائمة.

ومرة أُخرى قامت AMD بالتخلي عن تسمية Phenom والعودة إلى نظام تسمية يُذكّرها بأيام مجدها مع سلسلة Athlon FX ، وذلك ببساطة عن طريق تسمية أول معالجات Bulldozer باسم  AMD FX. كانت الفكرة وراء كل هذه التغييرات هي تقليل الحجم الكلي للرقائق وجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة . ستعمل القوالب الصغيرة على تحسين عائدات التصنيع ، مما يؤدي إلى هوامش تصنيع أفضل ، وستساعد زيادة الكفاءة على تعزيز سرعات وتردات الأنوية. كما أن التصميم القابل للتطوير سيجعل من المعمارية الجديدة مُناسبة لمجموعة واسعة من الأسواق.

نهض ليسقط !!

وقد تم اصدار أفضل طراز من المعمارية الجديدة في أكتوبر من عام 2011 ، مع معالج FX-8510 الذي كان يحتوي على 4 مجموعات أو clusters ولكن تم تسويقه على أنه وحدة معالجة مركزية ذات 8 أنوية و 8 خيوط معالجة. بحلول هذا العصر ، كان للمعالجات ترددات مختلفة للأنوية ، وكان التردد الأساسي لمعالجات FX-8150 هو 3.6 جيجا هرتز ، مع تردد تيربو يبلغ 4.2 جيجا هرتز.

ومع ذلك ، كان حجم الرقاقة 315 مم مربع وكان استهلاكها للطاقة في الذروة يزيد عن 125 وات. في ذلك الوقت كانت إنتل قد أصدرت بالفعل معالج Core i7-2600K الذي كان يتمتع بالتصميم التقليدي رباعي الأنوية مع 8 خيوط معالجة، ويعمل بسرعة تصل إلى 3.8 جيجاهرتز. كان معالج انتل أصغر بكثير من شريحة AMD الجديدة ، بمساحة 216 ملم مربع فحسب، ويستخدم طاقة أقل بمقدار 30 واط.  ولكن بعيداً عن الحجم ومقدار الطاقة الذي يسحبه المعالج بالنظر إلى أنه طبقا لـ AMD فقد كان يتمتع بعدد أكبر من الأنوية وبأداء أفضل على الورق.

لذا فقد كان من المفترض أن يهيمن معالج FX الجديد على عرش الأداء، ولكن أدائه كان محبطًا إلى حد ما – في بعض الأحيان على الأقل. فقد كانت قدرة المعالج على التعامل مع الكثير من الخيوط تتألق في بعض الأحيان، لكن الأداء الفردي للنواة الواحدة غالبًا لم يكن أفضل مما قدمته معمارية Phenom الذي تم الإستغناء عنها مقابل Bulldozer ، هذا على الرغم من ترددات الأنوية الأفضل.

المثابرة في الهواء

بعد أن استثمرت ملايين الدولارات في البحث والتطوير لـ Bulldozer ، لم تكن AMD بالتأكيد ستتخلى عن التصميم بسهولة، ولكن على الجانب الآخر كانت صفقة شراء ATI بدأت أخيراً في أن تؤتي ثمارها. ففي العقد الماضي ، كانت أول محاولة من AMD في القيام بعمل حزمة مجمعة من وحدات المعالجة المركزية ووحدات المعالجة الرسومية تُسمّى  Fusion. وبالرغم من أن هذه المعالجات جاءت متأخرة في السوق وضعيفة بشكل مخيب للآمال ، إلا أن المشروع زود AMD بالوسائل التي تمكنها من التعامل مع أسواق أخرى. حيث أنه وقت سابق من عام 2011 ، تم إطلاق بنية جديدة أخرى ، تسمى  Bobcat، والتي كانت تهدف إلى الأسواق منخفضة الطاقة ، مثل الأنظمة المضمنة ، والأجهزة اللوحية ، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة .

وبالرغم من أن التصميم كان بسيطاً مقارنة بالبلدوزر، فقد تلقى Bobcat تحديثًا مطلوبًا بشدة بعد بضع سنوات ، وذلك عندما ظهرت بنية Jaguar ، والتي تم اختيارها من قبل Microsoft و Sony لتشغيل منصات الألعاب المنزلية الجديدة Xbox One و PlayStation 4 في عام 2013.  وعلى الرغم من أن هوامش الربح كانت ضئيلة نسبيًا حيث يتم بناء منصات الألعاب عادةً بأدنى سعر ممكن ، إلا أن كلا النظامين يباعان بالملايين وهذا سلّط الضوء على قدرة AMD على إنشاء شرائح أو SoC مخصصة.

محاولة التعافي البطئ

ومنذ ذلك الحين، واصلت شركة AMD مراجعة وتحديث وترقيع تصميم البلدوزر على مر السنين. حيث جاء جيل Piledriver في البداية ليُعطينا معالج FX-9550 (وحش استهلاك الطاقة بقدرة 220 واط ، وتردد 5 جيجاهرتز) ، ليتلوها بعد ذلك إصدار Steamroller والإصدار النهائي المعروف باسمExcavator  (والذي تم إطلاقه في عام 2011 ، مع بداية ظهور المنتجات التي تستخدمه بعد 4 سنوات من الإطلاق) ، كانوا أكثر تركيزًا على تقليل استهلاك الطاقة ، بدلاً من تقديم أي شيء جديد بشكل خاص.

بحلول ذلك الوقت ، أصبحت التسمية الخاصة بوحدات المعالجة المركزية مربكة ، على أقل تقدير. فبالرغم من أن ظاهرة تسمية فينوم تم قبولها على مضض من قبل كُتب التاريخ التقني ، فقد تلوثت سمعة معالجات FX التي أصبحت الآن ذكرى لا يُريد أحد أن يتذكّرها . وهو ما جعلAMD  تتخلّى عن تلك التسمية ووصفت للتو وحدات المعالجة المركزية لسطح المكتب Excavator باسم  A Series.

القسم الرسومي

ولأن الشركة الآن أصبحت تمتلك قسمين في جعبتها، فقد كان لقسم الرسومات في الشركة ، الذي قدم منتجات Radeon ، نصيبه من سوء الطالع هو الآخر تحت قيادات ووضع AMD المُربك. حيث احتفظت AMD  بالاسم التجاري ATI حتى عام 2010 ، لتبديله باسمها الخاص بعد ذلك لتصبح منتجاتها الرسومية تتمتع باسم AMD Radeon بدلاً ATI Radeon وتنتهى بذلك شركة ATI من على الساحة بشكل رسمي.

قامت الشركة أيضًا بإعادة كتابة بنية المعالجات الرسومية التي أنشأتها ATI في أواخر عام 2011 ، مع إصدار معمارية  Graphics Core Next (GCN)الرسومية. وهي المعمارية التي ستستمر بعد ذلك لمدة 8 سنوات تقريبًا ، لتجد طريقها إلى منصات الألعاب المنزلية و أجهزة الكمبيوتر المكتبية ومحطات العمل والخوادم . بل إنها لا تزال قيد الاستخدام اليوم كوحدة المعالجة الرسومية المدمجة في ما يسمى بمعالجات AMD APU  المُسرّعة .

نمت معالجات GCN لتتمتع بأداء حوسبي هائل ، لكن تصميمها المُعقّد لم يكن الأسهل للحصول على أفضل النتائج منه. فقد كان أقوى إصدار تم تصنيعه من قبل AMD ، وهو المعالج الرسومي Vega 20 الموجود في بطاقة Radeon VII ، يتميز بقوة معالجة تبلغ 13.4 TFLOPs مع ما يصل إلى 1024 جيجابايت / ثانية من عرض النطاق الترددي وهي أرقام مهولة من الجانب الحسابي…

ولكن في الألعاب ، لم تتمكن المعمارية للوصول إلى نفس مستويات الأداء مثل هذه الذي قدمته  Nvidia.

فغالبًا ما اشتهرت منتجات Radeon في تلك الفترة بكونها ساخنة وصاخبة ومتعطشة للغاية للطاقة. فقد تطلبت المعالجات الرسومية الأولي من معمارية GCN – التي عملت على تشغيل بطاقة  HD 7970- أكثر من 200 واط من الطاقة عند الحمل الكامل – ولكن تم تصنيعها على عقدة تصنيع كبيرة نسبيًا ، وهي عُقدة تصنيع28  نانومتر من شركة TSMC. وبحلول الوقت الذي وصلت فيه GCN إلى النضج الكامل ، في شكل معالجات  Vega 10 ، والتي كانت تصنعها GlobalFoundries على عقدة 14 نانومتر ، كانت متطلبات الطاقة لا تزال سيئة مع أمثال بطاقة Radeon RX Vega 64 التي تستهلك ما يقرب من 300 كحد أقصى .

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظُنّها لا تُفرج !!

في تلك الفترة وبالرغم من أن AMD كانت لديها اختيار واسعة من المنتجات ، فقد كانت ليست جيدة كما ينبغي ، وقد كافحت لكسب المال الكافي.  بل دعني أقل لك عزيزي القارئ أنه وبحلول نهاية عام 2016 ، كانت الميزانية العمومية للشركة قد تعرّضت لخسائر  لمدة 4 سنوات على التوالي . حيث تعرّضت البيانات المالية لعام 2012 لضربة بسبب الشطب النهائي لشركة GlobalFoundries بقيمة 700 مليون دولار . فقد كانت الديون لا تزال مرتفعة ، حتى مع بيع مسابكها وفروعها الأخرى ، ولم يقدم حتى نجاح حزمة نظامي Xbox و PlayStation مساعدة كافية.  لذا، فظاهريًا ، بدا للجميع أن AMD في ورطة عميقة. بل يمكننا القول أن الشركة كانت على وشك إعلان افلاسها في فترة من الفترارت، لتنتشر في الأواسط الإعلامية مقالات تتحدث عن امكانية شراء Intel أو NVIDIA للشركة.

ولكن ما لم يعرفه الجميع أن العام التالي تحديداً سيكون عاماً إستثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ففي الوقت الذي كان سوق التقنية فيه مستقر تقريباً أن AMD هي الخيار الخاص بأصحاب الميزانيات الضعيفة والأداء المتواضع، بل ولم يكن لها وجود تقريباً في العديد من الأسواق مثل أسواق الحواسيب المحمولة والخوادم، كانت AMD تُخطط لمفاجأة مدوية. تلك المفاجأة كانت بمثابة الأمل الأخير الذي إمّا أن يقوم بالقضاء على الشركة تماماً لتُعلن إفلاسها، أو أن يُعيدها أخيراً من حيز النسيان. فكما أخبرتك في البداية عزيزي القارئ “الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك” !!….

فماذا حدث تحديداً في عام 2017 ؟! دعونا نعرف ذلك في حلقتنا القادمة….



#حكاوي #رمضان #معالجات #Athlon #شراء #ATI #وسقوط #AMD #فما #الذي #حدث