كالعادة يأتي شهر رمضان في كل عام بكل معانيه الروحية والإخلاصية ، لينزع من نفوسنا وقلوبنا رواسب العام المنصرم التي تدخلت فيها ، ويتضح ما عرقله من الصعوبات ومن أسبابه. مصاعب الحياة وعنادها ، والمعاناة التي ترافق العيش في هذه الحياة التي لا يوقف تسارعها الدوران ، ولكل إنسان طرقه ومساراته في طرق حياته التي تريد إلى الرزق وما يصاحبها فيها. من حيث الهيمنة والقهر وإهدار البشرية ، وتسعى جاهدة لترسيخ القيم التي تؤمن بها وما قد تواجهه من ظلم واستبداد ، وتسعى جاهدة لمحاربة الأفكار التي تتعارض مع ثقافته وأفكاره وما هو عليه. يمكن أن يلتقي من أجل هذا الذي يجمع ويكره ، وبالمثل ، فإن الحياة لا تخلو من عملية غرس الفهم بأن أصالتها يمكن أن تختلط مع دخيلها ، وكلها دروب يسلكها الإنسان ، لا تخلو من ضغوط العيش في وقت ما ، ولذة المثابرة في عدد من الأوقات ، والحماس للوصول إلى الهدف في شكل انتصار صغير يزيل بقايا التعب الذي سبقه ، والحياة متواصلة في الدوران وسط البحث اللامتناهي عن ساعة القيامة للبشر.

يأتي رمضان الفلسطيني هذا العام وتجري انتخابات فلسطينية ، وفي كل دوُرة من جلساته تتناثر عدد من الأشياء التي جرى طحنها على أطرافها بين أحجاره ، وتمر أيام رمضان مع حداد الانتخابات في وكان دورهم والانتخابات يسحق النفوس والعقول والقلوب ، وأيام رمضان تلتئم وتشفي جراحات النفوس وآلام القلوب.

من قدر الله أن تستهل العشر الأواخر من رمضان هذا العام بمرافقة أيام الدعاية الانتخابية ، تلك الدعاية التي تعودنا عليها ليست دعاية لبرامج واعدة أو رؤى رائدة ، بل هي دعاية تعمل على إثارة الخلافات ، يستحضر التمردات ويهيب النفوس وكأن الله سبحانه قد أهان من رمضان هذا العام ليطفئ بوفرة نوره بطاقة روحانياته ونار الكراهية والاستياء الذي سكن أرواحنا زمانا طويلا. فقد مزقتنا ، ووعدتنا بمزيد من الدموع والتفتت ، حيث نقودنا إليها كمن يدفعون حتى الموت أثناء المشاهدة ، يأتي رمضان ليوقظ إهمال نفوسنا ويذكرنا بما هو أكبر وأكبر من هذا العالم الدنيوي الذي نحاربه تمامًا مثل الذئاب تقاتل الجيف ، سيرافقنا رمضان لمدة ثلاثين يومًا قادمًا ، تطهير لا. نفوسنا قدر المستطاع ، عقب ذلك يغادرنا ويقضي رمضان كريمًا وعزيزًا ، ويحتفظ بمزاجه لنا لباقي العام ، على أمل لقائه. إن شاء الله لنا أن يرحل عنا رمضان وتكون هناك أيام انتخابات. تاسعا ، هل سنبقى فيهم رمضان أم ننقث بوعدنا؟

سيمضي رمضان ، لكن الانتخابات ستستمر ، وعند كل منعطف يكسرون بعضا من بقايا صداقتنا وحبنا ، حتى تدور الجولة الأخيرة عقب ذلك تتوقف حتى يعلن القابض على عصاه بالنتيجة. سوف تكون هناك أرواح محطمة وقلوب محطمة إذا لم نخوض هذه المعركة بحوالي جسم.

يمكن أن تكون مرحلة الحملة الانتخابية واحدة من أزيد فترات العملية الانتخابية حساسية بسبب صعوبة الاحتكاك بين شتى قوائم المرشحين الذين من المترقب أن يقدموا برامجهم لإقناع الناخب الفلسطيني بها ، وعلى الرغم من صِحة أن إن المجتمع الفلسطيني مجتمع مسيّس بطبيعته ولا يتأثر بصعوبة بالحملة الانتخابية التي ستستمر عشرين يومًا. ومع هذا ، فإن معظم القوائم الانتخابية لن تدخر جهدا في عرض البرامج والخطط التي بحوزتها ، والوعود والتمنيات التي تحتويها ، وستستخدم كل الوسائل المتاحة للتواصل مع كل ناخب لعملية إقناعهم بالبرامج التي أعتقدها. في الغالب تشبه الحلم ، وأعتقد أن المواطن يفهمها جسمًا وفي نفس الزمن. سيحاول كل فريق طعن الفريق الآخر في وطنه بالفخر والاعتزاز باتهامه بالضعف والإهمال والعجز وإهدار الفرص ونفور المواطنين وهضم حقوقهم.

في الختام ، سيصوت كل فريق لمؤيديه ، وسيظل صوت المواطن العادي ، الذي يمكن أن يقرر تصويته هذا السباق فحسب. رمضان يمشي والانتخابات ويبقى المواطن الفلسطيني معلقا. وضعه للتغيير. ليعيش ، سينتظر الفلسطيني في المستقبلً يتمناه لنفسه ولروحه التي يتوق إليها. هل تتنافس على هذه المهمة؟



#رمضان #والانتخابات #مؤسسة #اخر حاجة #للأنباء